منقذي_الزائف
بقلم بتول علي
الفصل التاسع
أخذ مالك يتصفح صور خطبته بهبة وهو يبتسم بسعادة كبيرة تجعل كل من يراه على هذه الحالة يحسده عليها ويتمنى أن يصبح مثله ويحقق الهدف الذي يسعى خلفه.
من الصعب وصف شعور فرحة الانتصار الذي استحوذ في هذه اللحظة على كيان مالك الذي حصل أخيرا على الفتاة التي يحبها بعدما ظن أنها لن تكون من نصيبه لأن قلبها كان متعلق بابن عمه.
لمعت عيني مالك بهيام وهو یتأمل ابتسامة هبة وهي تقف بجواره فقد كانت تبدو كحورية بحر حسناء تقف أسفل قمر انعكس نوره على وجهها ليزيدها حسنا فوق حسنها.
قطع لحظات مالك السعيدة ورود اتصال من والده تجاهله عدة مرات ولكنه استسلم في النهاية بعدما تأكد من إصرار أبيه على التحدث معه:
-“أيوة يا بابا، إزيك عامل إيه؟”
كان الغضب ظاهرا للغاية في نبرة والد مالك الذي صاح بصوت جهوري:
-“أنا برن عليك بقالي كتير يا حيوان، مش بترد ليه من أول مرة؟!”
أجابه مالك بنزق بعدما زفر أنفاسه بضيق فهو لم يكن يريد أن يتحدث مع والده حتى لا يتعكر مزاجه:
-“عادي مكانش ليا مزاج أرد عليك، بس غريبة أوي يعني يا بابا، بقالك أكتر من شهرين مش بتتصل بيا ودلوقتي افتكرتني فجأة بعد المدة دي كلها!!”
ردد والده بتعجب واستنكار:
-“إيه الهبل ده، إزاي بقالي فترة كبيرة مش بتصل بيك؟!”
ارتفع صوت والده وهو يزمجر بحدة متجاهلا عن عمد تلك الكلمات التي أثارت استغرابه:
-”أنا كان لازم أتصل بيك بعد ما عرفت أن سيادتك روحت خطبت من غير ما تعرفني أو حتى تجيب سيرة لعمك وكأنك لقيط ومقطوع من شجرة وملكش أهل ترجع ليهم وتاخد رأيهم في موضوع مهم جدا زي ده!!”
قلب مالك عينيه وهز رأسه بملل من اسطوانة التوبيخ المشروخة التي كان يتوقع أن يسمعها من والده الذي ذهب وتزوج من امرأة أخرى بعد وفاة والدته واستقل بحياته بعيدا عنه ولم يعد يكترث به ولا بأمر شقيقته.
همس مالك باختناق وهو يتذكر حسرة والدته الراحلة على عمرها الذي ضاع برفقة والده المستهتر الذي لم يكن يهمه أي شيء يتعلق بها:
-“أنت قولتلي زمان بعد ما روحت اتجوزت وخلفت أني مش صغير والمفروض أشوف حياتي وأدبر أموري بنفسي من غير ما أعتمد على أي شخص وأنا كل اللي عملته هو أني طبقت نصيحتك يا أستاذ عماد يا اللي جاي دلوقتي تعمل فيها مهتم بيا وخايف على مصلحتي بعد ما اتجاهلت دعوتي ليك على الخطوبة وعشان تداري إهمالك جاي تعمل نفسك مكنتش تعرف حاجة عن خطوبتي”.
سكت مالك قليلا قبل أن يضيف بلهجة متهكمة:
-“قولي صحيح يا بابا إيه أخبار مراتك وابنك؟ سمعت أنك ناوي تدخل أخويا الصغير مدرسة دولية بتحتاج كل سنة مصاريف مش بتقل عن تسعين ألف جنيه، واضح أن أحوالك المادية متيسرة على الأخر”.
تحدث عماد بهدوء مغيرا فحوى الموضوع بعدما رمش بعينيه عدة مرات مش شدة الذهول الذي سيطر عليه في تلك اللحظة:
-“أنا كنت بكلمك عشان أباركلك يا حبيبي على الخطوبة، ربنا يهنيك ويسعدك، معلش أنا مضطر أقفل دلوقتي عشان أجهز نفسي وألحق صلاة الجمعة”.
وبالفعل أنهى عماد المكالمة فابتسم مالك بسخرية شديدة من والده الذي فرّ كالفأر الجبان بعدما واجهه بأمور ظن أنه لا يعلم عنها أي شيء ثم عاد مرة أخرى لتصفح الصور التي تجمعه بهبة.
وقف عمرو أمام الحوض وفتح الصنبور ليبدأ الماء يتدفق بين یدیه ثم أخذ يتوضأ حتى يصل إلى المسجد مبكرا فهو يحب أن يحضر خطبة الجمعة من أولها ويشعر بالضيق إذا فاته أي جزء منها.
خرج عمرو من الحمام وارتدى ملابسه بسرعة ثم غادر المنزل واستقل سيارته قاصدا المسجد الذي يصلي به.
انتهى عمرو من أداء الصلاة بعد نصف ساعة ثم استقل سيارته مرة أخرى ولكنه لم يعد إلى المنزل بل توجه إلى المقابر حتى يزور قبر شقيقه الراحل.
قرأ عمرو الفاتحة على روح ياسين وأخذ يدعو له بالرحمة والمغفرة ثم تحدث وهو يشعر بحزن عميق في قلبه:
-“نفسي أعرف ليه بحس على طول أنك مش مرتاح في قبرك مع أنك كنت كويس في حياتك؟! ليه كل الكلام اللي بتقوله في الأحلام اللي بتزورني فيها بيبين أنك عايز توصلني لحاجة بس أنا مش قادر أفهمها؟!”
كاد عمرو يغادر المقبرة ولكن أوقفه التُربي الذي سأله عن أحواله ثم سكت قليلا شاعرا بالتردد الشديد فهو لا يعرف إذا كان يجب عليه أن يخبره بالأمر الذي حدث الأسبوع الماضي أم يلتزم الصمت ولا يتفوه بشيء.
رأى عمرو أمارات التردد التي كانت واضحة على وجه حارس المقبرة فسأله باستغراب شديد وهو يعقد ما بين حاجبيه:
-“هو فيه حاجة عايز تقولها ليا يا عم مجاهد قبل ما أمشي؟!”
هز مجاهد رأسه قائلا بصراحة شديدة بعدما تحلى بالشجاعة وقرر أن يبوح بكل ما بداخله:
-“أيوة يا أستاذ عمرو، الأسبوع اللي فات أنا شوفت واحد كان واقف هنا في المقبرة وسمعت منه شوية كلام وحشين في حق الأستاذ ياسين ولما جيت أتكلم معاه عشان أعرف هو مين شد معايا وبعدين سابني ومشي ومجاش هنا مرة تانية”.
استنكر عمرو هذا الأمر مرددا بصدمة فهو يعلم جيدا أن أخيه كان شخصا محبوبا من الجميع ولم يكن هناك من يبغضه ويتمنى له الأذى:
-“ممكن تقولي إيه الكلام اللي أنت سمعته بالظبط من الراجل ده وإيه اللي حصل بعد كده؟”
شعر مجاهد بالارتباك ولكنه قرر أن يتحدث وهو يعلم أن الكلام الذي سينقله قاسي إلى حد لن يتمكن عمرو من تمالك نفسه عند سماعه:
-“أنا سمعت الراجل ده وهو بيقول لما كان واقف قدام قبر المرحوم أخوك (منك لله يا ياسين، أنت مش هتقدر تستوعب أنا مرتاح قد إيه عشان أنت أخيرا مُت وريحتني من وجودك، وعلى فكرة أنت تستاهل أنك تموت لأنك اتجرأت وسرقتها مني) وأنا يا أستاذ عمرو أول ما سمعته بيقول كده شديت معاه بس ابن الذين كانت إيده تقيلة وفلت مني في ثانية”.
وكما توقع مجاهد فقد ثار عمرو وابيضت عروق يده من شدة الضغط عليها وهو يسأل بصرامة من بين أسنانه:
-“أنت فاكر الولد ده شكله إيه يا عم مجاهد؟”
حرك مجاهد رأسه قائلا بإيجاب:
-“أيوة فاكر يا أستاذ عمرو وأقدر أوصف ملامحه ليك بشكل كويس ومش بس كده ده أنا لما شديت معاه وهو زقني وضربني وجري وقتها وقعت منه سلسة فضة وأنا احتفظت بيها عشان أديها ليك لما تيجي تزور القبر”.
ذهب مجاهد وأحضر السلسال الفضي وأعطاها لعمرو الذي نظر لها مليا قبل أن يقرأ الاسم الذي تشكل من بضعة أحرف باللغة الإنجليزية مرصوصة بشكل عمودي:
-“شادي، صاحب السلسلة دي أكيد يبقى اسمه شادي وأنا هعمل المستحيل عشان أجيبه وأعرف إيه حكايته مع ياسين حتى لو كان مستخبي تحت سابع أرض!!”
صعدت آية إلى شقتها بعدما انتهت من مساعدة فادية في التنظيف الذي استمر لساعات طويلة.
تنهدت آية بإرهاق وهي تستلقي فوق سريرها وتضع الغطاء فوقها فقد تعبت كثيرا وكل ما كانت تفكر فيه في هذه اللحظة هو نيل قدر من الراحة:
-“وأخيرا خلصت، دي بقت عيشة تقرف يعني هو حَبك النهاردة يعني يا حماتي أنك تروقي شقتك كلها وتظبطي الكراكيب اللي فيها!!”
أغمضت آية عينيها واستعدت لتنعم بقسط من النوم ولكن منعها من ذلك رنين هاتفها وعندما نظرت إلى الشاشة اتسعت عينيها بذهول بعد ما رأت أن هناك ثلاثة وعشرون اتصالا لم يتم الرد عليهم وجميع هذه الاتصالات كانت من شادي.
أجابت آية على الاتصال بسرعة واستمعت إلى صوت توبيخ شادي الذي كان غاضبا بشدة بسبب تجاهلها له طوال اليوم:
-“وأخيرا رديتِ يا ست هانم، أنا بقالي كتير بتصل بيكِ وأنتِ ولا حياة لمن تنادي”.
زمت شفتيها بعدم رد بعدما ألجمتها نبرته الغاضبة فأتبع متسائلا بغيظ:
-“ما تنطقي وتقولي مكنتيش بتردي ليه ولا القطة أكلت لسانك!!”
دمعت عينيها وضمت شفتيها وهي تتحدث وتبرر موقفها:
-“أنا أسفة يا حبيبي، فادية الله يجحمها هي اللي خليتني أنزل لشقتها من صباحية ربنا وفضلت أنضف معاها ولسة طالعة دلوقتي من عندها وكنت ناسية موبايلي هنا فوق في الشقة”.
زاغت نظرات شادي وكز على أسنانه صائحا بحقد:
-“أنا مش عارف إمتى هيجي اليوم اللي نخلص فيه من كل القرف ده؟! إحنا بقالنا كذا سنة بنستنى الوقت اللي هنقدر نتجوز فيه ونعيش مع بعض؟!”
شعرت آية بالحزن الشديد لأنه كلما اقتربت من تحقيق هدفها حتى يكون من السهل عليها الزواج بالرجل الذي تحبه تتعقد الأمور وكل ذلك بسبب مروة التي تقف بينها وبين أحلامها.
-“كل حاجة هتتحقق قريب يا قلبي، أنا مش هستسلم وهعمل كل اللي في إيدي عشان نحقق حلمنا ونتجوز ونعيش مع بعض تحت سقف واحد”.
قالتها آية ودموعها تنهمر نتيجة لتألم قلبها لأنه ابتعد عن رفيق روحه وكل ذلك بسبب الظروف اللعينة التي أجبرتهما على الفراق.
تذكرت آية عندما التحقت بالجامعة فقد تعرفت حينها على شادي الذي كان يكبرها بعام واحد ونشأت بينهما قصة حب قوية وتعلق كل منهما بالأخر وصارت لديهما رغبة قوية في الزواج وتكملة حياتهما سويا وهما بجوار بعضهما.
طلب شادي من والدته أن تذهب برفقته إلى منزل عماد حتى يطلب يد آية للزواج ولكن أصابته صدمة كبيرة بعدما رفض عماد طلبه.
اعترضت آية على قرار والدها وحاولت أن تثنيه عن رأيه ولكنه أصر على موقفه ووضح سبب رفضه لشادي قائلا بأنه ليس مناسبا لها.
سألت آية والدها بصوت متحشرج وهي تذرف دموع القهر من مقلتيها:
-“طيب قولي أنت ليه شايف شادي مش مناسب ليا؟! اديني سبب واحد مقنع يخليك تقول الكلام ده؟!”
أجابها عماد بجدية متجاهلا دموعها وانكسار قلبها فقد ظن أن هذا الحب مجرد أوهام مراهقة وسوف يزول مع مرور الأيام:
-“ده واحد كحيان وكمان من الأرياف وأنتِ مش هتقدري تتأقلمي على العيشة في الريف بعد ما فضلتِ عايشة أكتر من عشرين سنة هنا في المدينة ده غير أنه مش هيقدر يلبي ليك كل طلباتك ولو اتجوزتيه هتعيشي حياة صعبة أوي معاه”.
لم تتمكن آية من إقناع والدها بالعدول عن رأيه وازدادت مأساتها عندما تقدم ياسين وطلب يدها للزواج ورحب به عماد بشدة وأعطاه موافقته.
صرخت آية واعترضت ولكنها لم تتمكن من إيقاف تلك الزيجة التي تمت وانتهى الأمر وصارت زوجة لياسين أمام الجميع رغم رفضها لهذا الأمر.
كان ياسين يحب آية بشدة ويعاملها بلطف ولكن قلبها كان معلقا بشادي الذي لم تتمكن من نسيانه حتى بعدما تزوجت وأنجبت طفلها وصار هدفها الآن هو الاستحواذ على جميع ممتلكات عائلة الرجل الذي وقف حائلا بينها وبين حبها الحقيقي حتى تتمكن من الزواج بشادي الذي لا تسمح له إمكانياته المادية بشراء منزل وبناء عش زوجية يليق بها.
وها قد عاد الحزن لملامح هبة بعدما فتحت باب منزلها ووجدت أماني أمامها، نظرت لها الأخيرة وهي تشعر بخيبة أمل قائلة ببرود:
-“أنا عارفة كويس أن زيارتي هتضايقك بس أنا جيت عشان أباركلك وأديكِ هدية صغيرة”.
رددت هبة باستهزاء وهي تعقد ذراعيها أمام صدرها:
-“هدية ومنك أنتِ!! ده أنا أصدق أن الشمس طلعت من الغرب ولا أصدق أن واحدة زيك جاية تباركلي وتهاديني بعد ما اتخطبت لابن سلفتها اللي كانت بتكرهها”.
أضافت هبة بضيق بعدما أطلقت تنهيدة طويلة:
-“وبعدين تطلع إيه بقى الهدية دي اللي خليتك تتعبي نفسك وتجيلي مخصوص لحد باب بيتي عشان تديهالي؟!”
فتحت أماني حقيبتها وأخرجت علبة صغيرة ثم أزاحت الغطاء أمام عيني هبة التي رأت خاتما ذهبيا يمتاز بمظهر أنيق للغاية.
هتفت أماني وهي تمسك بالخاتم وتتأمله بحزن:
-“دي كانت الهدية اللي أحمد فضل يحوش في تمنها من شغله طول السنة اللي فاتت عشان يقدر يجيبهالك ويفرحك في عيد ميلادك”.
تطلعت هبة إلى الخاتم بقلب مشتت وعقل يحذرها من الاستماع إلى أماني وقد أخذ يقنعها أن هذه خدعة منها حتى تفسد عليها فرحتها بخطبتها.
هزت هبة رأسها عدة مرات وهي تنهر قلبها الذي رق لبضع ثوانٍ فهي لن تضعف وسوف تتصدى لكل من يحاول التحايل عليها لصالح أحمد الذي دمر حياتها.
صاحت هبة بصرامة وهي تشير بسبابتها نحو باب شقتها:
-“اتفضلي لو سمحتِ يا مدام أماني اطلعي برة بيتي وخدي هديتك المقرفة دي معاكِ وإلا هصوت وهلم عليكِ الجيران وياريت متخلينيش أشوف وشك مرة تانية”.
أرادت أماني أن تتحدث ولكن منعها صراخ هبة التي أصرت على طردها دون أن تستمع إلى كلامها.
بصقت هبة على الأرض بعدما غادرت أماني ثم أغلقت باب شقتها وجلست على الأريكة تفكر في كل كلمة سمعتها قبل قليل وفي هذه اللحظة تذكرت أحمد الذي أخبرها أنه يستعد ويبذل قصارى جهده حتى يجهز لها مفاجأة تليق بعيد ميلادها.
أمسكت هبة بالمزهرية وألقتها أرضا وهي تصرخ بقوة وكأنها تعاقب قلبها الذي يدق كلما تذكرت أحمد أو جلب أحدهم سيرته أمامها ولو عن طريق الخطأ:
-“حرام عليك بقى يا أخي، اطلع من دماغي، أنا خلاص زهقت منك ومش عارفة أعيش مرتاحة، أنا مش عارفة أعمل إيه في ذكرياتك اللي بتلاحقني حتى وأنت في غيبوبة”.
ومضات وذكريات كثيرة أخذت تتدافع في عقل أحمد مرة واحدة لدرجة أصابت رأسه بالألم الشديد وجعلته يهزه يمينا ويسارا حتى يتخلص من هذا الوجع الذي شعر أنه سوف يفتك به.
أخذ يرى أمامه ذكرى اللحظة التي التقى بها بهبة وأخرى عندما أخبرها أنه يحبها وسوف يضحي بكل شيء من أجل إسعادها.
تذكر تلك اللحظة التي أخذ يخبرها بها كم أن بسمتها قد أنارت عتمة روحه وبددت ظلمته ولكن اختفى هذا النور بعدما هجرته وتركت فؤاده يبكي رحيلها.
تذكر عندما أخذ يلومها على تركها له بعد كل ما فعله من أجلها واستنكر موقفها بقوله كيف تظنين أنني خدعتك وأنا من كنت أسيرا لعينيكِ ورهن إشارتك ولم أكن أريد سوى أن أرى ابتسامتك التي تريح قلبي وتجعلني أسعد لأنني أرى نفسي سندك في هذه الحياة؟!
لقد أصابه الجنون عندما أخبرته أنها سوف تصبح لغيره وفقد صوابه وأخذ يتوعد لها بكلمات ويهدد بأمور وهو يعلم جيدا أنه لن ينفذها ولكنه فعل ذلك حتى لا تتركه.
ازدادت حدة الألم الذي يجتاح رأسه وسط هذه العتمة التي تحيط به وشعر أنها نهايته ولكن فجأة انقشع هذا الظلام واستطاع أن يفتح جفنيه مناديا بهمس خافت باسم هبة.
أخذ أحمد ينظر حوله وهو يشعر ببعض الدوار واستنتج من مظهر تلك الغرفة التي ينام بها أنه متواجد داخل مستشفى ولكنه لا يفهم ما الذي أتى به إلى هذا المكان؟!
مرت بضع دقائق قبل أن يتذكر أحمد الحادث الفظيع الذي جرى معه وأدرك أن هذا هو سبب جلبه إلى هذه المستشفى.
دلف الطبيب إلى الغرفة حتى يقوم بإجراء الفحص الروتيني ولكنه تفاجأ عندما وجد أحمد يفتح عينيه وينظر إليه.
هتف الطبيب بحدة فهو يعلم جيدا بالشيء الغير أخلاقي الذي قام به أحمد مع هبة:
-“حمد الله على السلامة يا أستاذ أحمد، وأخيرا صحيت من غيبوبتك اللي استمرت كذا شهر”.
سيطر الذهول على أحمد بعدما علم أنه ظل راقدا على هذا السرير لفترة طويلة وتملكت منه الصدمة بعدما دخل الضابط إلى الغرفة وسمعه يهتف بصرامة:
-“بما أنك فوقت فمفيش أي حاجة هتحميك دلوقتي من السجن اللي تستحقه أنت وأمثالك”.
نهاية الفصل